الاثنين، 1 ديسمبر 2014

فقه الميسر / فقه الطهارة والصلاه14


دروس الفقه (14)


حكمة تحريم الجماع فى الحيض: 
فعند المرأة : بعد انتهاء فترة الحيض يبدأ المبيض بإفراز هرمون الجريبين الذي يزداد تدريجياً ليصل ذروته في وقت الإباضة(في اليوم الرابع عشر لدروتها الطمثية)، ثم ينخفض تدريجياً لينعدم مع بدء الحيض التالي ويبقى منعدماً طيلة فترة الحيض.
وفي حياة المرأة الجنسية يقوم هرمون الجريبين بوظائف دفاعية هامة لعضويتها.
فهو يحض على نمو الطبقة البشروية الغدية لبطانة الرحم، ويزيد من مفرزاته المخاطية حيث تتشكل منها في عنق الرحم سدادة مخاطية تغلق زمن الطهر وتحول دون دخول الجراثيم التي يحملها عضو الرجل عادة أثناء الجماع ـ إلى الرحم، مانعة حصول أي إنتان كما يزيد الجريبين من نشاط أهداب الخلايا البشروية، والتي تساهم أيضاً في دحر أي أنتان، وينعدم كل هذا النشاط الوقائي للرحم أثناء الحيض لانعدام إفراز هذا الهرمون في تلك الفترة، كما أن مخاط السدادة يتميع وينزلق مع دم الحيض تاركة عنق الرحم مفتوحاً أمام الجراثيم الغازية.
وفي المهبل، فإن للجريبين فعل منم للخلايا الظهارية لبطانته يزيد من سماكتها بحيث تشكل طبقتها السطحية حاجزاً دفاعياً هاماً، كما يزيد الجريبين من مفرزات المهبل الحامضية (لوجود حامض اللبن )، هذا الوسط الحامضي يمنع الجراثيم الممرضة ويقتلها ويطهر المهبل منها.
أما أثناء المحيض، فإن الدم النازف، وانعدام الجريبين، يعدل الوسط الحامضي للمهبل أو يجعله قلوياً مما يخفض من مقاومته للإنتان إلى حد كبير ويجعله صالحاً لتكاثر الجراثيم الممرضة مما يؤهب للالتهاب.
ويحمل عضو الرجل على سطحه العديد من الجراثيم بشكل متعايش غير ممرض في الحالات الاعتيادية، وهي تدخل مهبل المرأة بشكل عفوي أثناء الجماع.
ولعدم وجود أي مقاومة للجراثيم في المهبل، فإنها تنتقل عبر عنق الرحم المنفتح خلال هذه الفترة منتقلة إلى باطن الرحم وتدخل من خلال غشائه المتسلخ النازف إلى الدورة الدموية مما يؤدي إلى حصول التهابات خطيرة في الرحم قد تمتد إلى الحوض والملحقات والمبيض وما يرافق ذلك من آلام شديدة، كما أنها قد تؤدي إلى العقم.
وإذا أضفنا لهذا كله أن مقاومة المرأة للأمراض تتضاءل إلى حدها الأدنى أثناء المحيض علمنا خطر الجماع على المرأة في تلك الفترة وإمكانية تيقظ ما كان كامناً من التهابات في أعضائها الجنسية، ومن اشتداد الانتان وخطورته عليها.
هذا ومن طبيعة العمل الجنسي أن يتقلص الرحم أثناء الرعشة الجنسية ثم يسترخي مرتشفاً محتويات المهبل من مني ومفرزات، وما تحتويه من جراثيم ممرضة، تدخل إلى باطن الرحم المتسلخ أثناء الطمث مؤدياً إلى التهاب الرحم أيضاً.
هذا علاوة على أن مني الرجل يحتوي على مادة البروستاغلاندين، وهي مادة إذا دخلت الدورة الدموية للأنثى أدت إلى إحداث نقص شديد في مناعتها وقد تتعرض بذلك للهلاك عند إصابتها بأضعف الأمراض، لكن رحمة الله جعلت من بطانة الرحم عندها سداً منيعاً، إذ تقوم بإفراز مادة مضادة للبروستاغلاندين، تعدلها وتمنع تسربها إلى جسم المرأة إذا حصل الجماع وقت الظهر.
أما إذا حصل أثناء المحيض فإن بطانة الرحم المتسلخة تكون غير قادة على القيام بهذه المهمة ويستطيع البروستاغلاندين، بعد أن يرتشف إلى باطن الرحم أن ينفذ إلى الدورة الدموية ليقوم بدوره المخرب.
والهرمونات النخامية (الجريبين) التي تكون منخفضة جداً أو معدومة أثناء المحيض لا غنى عنها لإفراز المادة الشبقية في مهبل المرأة أثناء الجماع، وهذا ما يجعل المرأة معرضة بطبعها عن الجماع في فترة حيضها، وهذا ما يوضح كيف أن الخطاب وجه في الآية إلى الرجال دون النساء.
وهناك دراسة حديثة تبين علاقة حدوث سرطان عنق الرحم بكثرة حدوث الجماع أثناء المحيض.
أما عند الرجل : فالجماع أثناء المحيض يؤدي إلى تسرب مفرزات المهبل ودم الطمث وما فيها من جراثيم إلى إحليل الرجل مؤدية إلى التهابات فيه متباينة الشدة وقد تمتد منه لتصل إلى الحويصلات المنوية فالموثة (البروستات) فالبربخ فالخصية، مؤدية إلى آلام شديدة في العجان، أثناء المشي والتبول والجلوس .
وإن عدم إصابة رجل ما إذا وطئ زوجته مرة وهي حائض لا يعني أبداً انعدام وجود عوامل الأذى.
ثم أن رؤية الدم ورائحته الكريهة كثيراً ما تعرض الزوج للنفور والاشمئزاز ويؤدي لإصابته بما يسمى "القرف الجنسي" تجاه زوجته
وقد أجرى الدكتور محمد عبد اللطيف دراسة ميدانية عند 60 امرأة تأكد له من خلالها وجود دورة لعضويات المهبل مرتبطة تماماً بالدورة الهرمونية للمبيض حيث وجد أن عصيان دودرلين(النافعة) تتواجد بكثرة طيلة فترة الطهر وتختفي تماماً أثناء الطمث في حين تواجدت أثناءه الجراثيم الضارة بأعداد كبيرة حيث تتوضع في أسفل المهبل في حين بدا الجزء العلوي منه خالياً منها تماماً.
كما وجد أن المشعرات المهبلية تزدهر وقت الحيض أربعة أضعاف ما كانت عليه وقت الطهر.
وعصويات دودرلين هي الحارس الأمين في المهبل ضد الجراثيم الضارة وهي تعيش على مخزون السكر في خلايا المهبل، هذا المخزون يتعلق بنسبة الهرمونات المبيضية في الدم، حيث وجد أن أعلى تركيز للسكر في هذه الخلايا يكون في منتصف الدورة الشهرية، ويقل تدريجياً حيث ينعدم تماماً قبيل الحيض بساعات وأثناءه.
وهذا هو السبب في أن عصويات دودرلين تلك تصل إلى قمة تكاثرها ونشاطها في منتصف الدورة. وعند حدوث الحيض نزول الدم فإن درجة التأين الحمضي للمهبل تنقلب إلى القلوية فتموت تلك العصويات وتنجرف مع تيار الدم إلى الخارج، مما يهيؤ الفرص كلها لنمو وتكاثر الجراثيم الضارة.
وذلك لأن عصويات دودرلين تحول السكر إلى حمض اللبن القاتل للجراثيم الضارة فتمتنع عن التكاثر أو تموت مع وجود عصويات دودرلين.
في غياب عصويات دودرلين تتكاثر الجراثيم الضارة المهبلية كما تستدعي صويحباتها من جراثيم الشرج ومجرى البول، كأنما حفل أقيم ووليمة قد أعدت والشرطي غائب، فتتكاثر أيضاً، وليس من رادع يمنع دخولها إلى باطن الرحم المتهتك، وهكذا فعضو الرجل الرطب والذي يتلوث في مدخل المهبل بتلك الجراثيم يدخلها معه لتقوم بفعلها الغادر المؤذي لكل الجهاز التناسلي للمرأة.
وصفوة القول فإن أضراراً واضحة أثبتها الطب تلحق بكل من شريكي الجماع إذا حصل أثناء المحيض، ويمكن أن تكون هي، مع غيرها مما لم نعرفه بعد، هو الأذى المذكور في قوله تعالى : ( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى) وهو إعجاز قرآني طبي، يأتي في قمته أن يكون الأمر للرجل لأنه هو العنصر الفاعل في المناسبة الجنسية، ولأن المرأة تعافها بطبعها أثناء المحيض.
ولأن النفاس، هو وضع فيزيولوجي (غريزي) مشابه، كان اعتزال المرأة فيه واجب كذلك، وهو ما اتفقت عليه المذاهب الإسلامية.
المصدر : بحث لفضيلة العلامة الدكتور الطبيب محمد نزار الدقر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق