الاثنين، 1 ديسمبر 2014

فقه الميسر / فقه الطهارة والصلاه15


دروس الفقه(15)
الاستحاضة: إذا كان الفقهاء قد اتفقوا على حرمة الوطء في الفرج أثناء المحيض والنفاس فقد اختلفوا في الحكم عليها إذا كانت المرأة مستحاضة.
وفي بحث مستفيض عرض الدكتور ضياء الدين الجماس[20] الحالة المرضية التي تكون عليها المرأة في أثناء استحاضتها ثم ناقش الآراء الفقهية المتباينة حول الحكم الشرعي للجماع فيه، نقتطف منها الخلاصة التالية:
الاستحاضة حالة تشبه المحيض من حيث وجود سيلان دموي من الفرج، لكنها تختلف عنه أنها حالات من نزوف مرضية لها أسباب كثيرة أهمها:
1. النزوف الطمثية: وتنجم عن تطاول فترة الحيض الطبيعية، ولا يخلوا الجماع فيها من خطر التهاب الرحم ورضوضة كما بينا.
2. النزوف الرحمية: وهي نزوف تحدث لسبب أو علة موضعية في الرحم وهي إما تحدث أثناء الحمل أو في غير حالة الحمل.
فالنزوف التي تحدث أثناء الحمل، كالرحى العذارية والحمل خارج الرحم وارتكاز المشيمية المعيب أو انقلاعها الباكر..
وكلها حالات مرضية قد تهدد حياة الأم أو الجنين، كما أنها تزداد سوءاً بالجماع الذي يرض الرحم ويفاقم الحالة المرضية.
أما في غير فترة الحمل، فهناك حالات عديدة يمكن أن تؤدي إلى النزوف الرحمية(الاستحاضة)، كالتهاب باطن الرحم والأورام السليمة والخبيثة والبوليبات وعقب الرضوض التي تصيب الجهاز التناسلي للمرأة ودوالي المهبل وعنق الرحم، وأكثرها يزيد الجماع من شدة الرض وكمية النزف ويجب استشارة الطبيب المعالج قبل الإقدام على جماع المصابة بها.
ثم يستعرض د. الجماس الآراء الفقهية فيقول بأن الجمهور ذهبوا إلى إباحة وطء المستحاضة، مستدلين إلى ما رواه أبو داود عن عكرمة عن حمنة بنت جحش " أنها كانت مستحاضة وكان زوجها يجامعها وقال : كانت أم حبيبة تستحاض وكان زوجها يغشاها "..
وأما عند الحنابلة فالرواية الراجحة أن المستحاضة لا توطأ إلا أن يخاف الزوج على نفسه الوقوع في محظور .
وتستند هذه القاعدة إلى ما رواه الخلال عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : "المستحاضة لا يغشاها زوجها".
هذا بالإضافة إلى التعليل المنطقي من أن المستحاضة بها أذى الحيض، فيحرم وطؤها كالحائض.
ويرى الدكتور الجماس أن رأي الحنابلة هذا هو المطابق لظاهر النص القرآني ولرأي الطب الوقائي وعلم الصحة، بل إن دم الحيض كما علمنا هو دم صحة في عرف جمهور الفقهاء، ولما كان الجماع محرماً باتفاق الفقهاء في هذه المرحلة السليمة)(صحياً) من حياة المرأة، فمن باب أولى منعه في حالة نزفها المرضي ( الاستحاضة) وكيف يمكن أن يستسيغ الرجل أن يأتي امرأته وهي مريضة تخشى على نفسها الهلاك أو زيادة النزف والأذى ؟
ونحن مع الدكتور الجماس في معالجة موضوع الوطء وقت الاستحاضة على الوجه التالي:
1. الأولى والأكمل والأطهر أن يمتنع الزوج عن الوطء وقت استحاضة زوجته ما لم يكن هناك ضرر عليه، وله الجماع ما لم يكن هنالك ضرر على الزوجية.
2. يرجى الرأي في النهاية إلى الطبيب المعالج الاختصاصي، فهو وحده الذي يمكنه أن يقرر إمكانية الجماع أو منعه تبعاً لحالة المرأة الصحية، وأن يقدر مدى الضرر الحاصل نتيجة الوطء على كل من الزوجين، والشرع قد أعطاه هذا الحق (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).
ومن خلال بحثنا هذا ندرك عظمة الدين الإسلامي الحنيف في منع كل ما هو ضار لصحتنا، وهي تزداد رسوخاً في قلوبنا على مر العصور، ومع تقدم العلوم والمعارف الطبية وأنه دين الفطرة السليمة الذي يتوافق ـ قطعاً ـ مع الحقائق العلمية، وهو دين الحق المنقذ لنا من الضلال والهلاك في ديننا وآخرتنا.
المصدر : بحث لفضيلة العلامة الدكتور الطبيب محمد نزار الدقر 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق