الأربعاء، 7 يناير 2015

الأخلاق لا تطور فيها والإنسان هو العنصر الثابت في تاريخ العالم / شبهات وردود

الأخلاق لا تطور فيها والإنسان هو العنصر الثابت في تاريخ العالم
لقد دخل الإنسان التاريخ برأس مال أخلاقي مبدئي هائل 
إن الأخلاق لها موجات صعود وهبوط ولكن لا تطور فيها على الإطلاق فمن وجهة نظر الأخلاق فإن العصر الحجري الحديث يعتبر انتكاسه في القيم الأخلاقية عن العصر الحجري القديم فالأخلاق في استقلال عن الزمن .

والدين في بدايته كان توحيديا بسيطا وهذا طبقا لمؤلفات لانج وشميث وبورس وكوبرز وغيرهم .
Andrew lang : the making of religion 1968
كانت أمريكا عند اكتشافها متخلفة من خمسة إلى ستة آلاف سنة ولم تكن قد لحقت بالعصر الحديدي بعد لكن بالمقياس الأخلاقي كان أرقى من العصر الحديث ورسوم معبد بونامباك للهنود الحمر التي تبين معضلة الأخلاق هذه الرسوم تجد مكانها داخل أعطم متاحف العالم .. وفن النحت لحضارة المايا يمثل مدرسة أخلاقية كاملة .. وهذه حقائق لا جدال فيها 
يقول كريستوفر كولومبس أنه حين وصل أسطوله لأول مرة إلى شواطيء أمريكا وجد قوما أوفياء خلوقين وأقبلوا سابحين إلى قوارب السفينة وأحضروا معهم ببغاوات وخيوطا من القطن وكانوا راضين كل الرضى .. لقد استقبل المتوحشون مستعبديهم في المستقبل بدماثة المتحضرين 
المصدر :- قصة الحضارة .. ول ديورانت .. مجلد 23 ص166
ومن المعروف أنه في الدول الأفريقية والعربية القديمة كان جميع الأغراب يتمتعون بكرم ضيافة لا مثيل له في حين أن الغريب في روما مثلا يتحول إلى عبد .
إن رعاية المعوقين مصدرها قبائل إروكويز البدائية 
إن الأسبان الغزاة كانوا أحط أخلاقيا من قبائل الهنود الحمر .
يرى هيجل أن اليونان القديمة كانت العصر الذهبي للأخلاق .. والفلسفة الأخلاقية بعد أفلاطون لم تُحقق أي تقدم على الإطلاق .
وكتابات شيشرون في الأخلاق لا تزال صالحة إلى اليوم .
وأفكار أرسطو الأخلاقية ومسرحيات سوفوكليس المأساوية يمكن وضعها في أي عصر من العصور لتناسبه والأخلاق بطبيعتها لا تتطور وإنما تبدأ من جديد ويحدث التدهور الأخلاقي في الغالب في نهاية الحضارات .

لقد ألف يوربيدوس Euripides مسرحة نساء تروجان الأخلاقية في أزمان ما قبل التاريخ وأكملها سارتر بعد الآف السنين دون فجوة زمنية تُذكر .
إن أخلاق الأقيانوسة – وهي أكثر مناطق العالم تخلفا – لا تختلف عن أخلاق أي منطقة متحضرة بالعالم وفنون الأقيانوسة التي تسرد وقائع أخلاقية تجد مكانها في المتاحف الأوربية والأمريكية ولا ثمة فجوة حضارية بينها وبين مثيلاتها الغربية .

إن القاعدة التي لا خلاف عليها أن الاخلاق لم تخط خطوة واحدة إلى الأمام منذ العصر الحجري القديم .. فجميع معلمي البشرية سواء كانوا أنبياء أو مصلحين جميعهم علموا البشرية الأخلاق نفسها ... وعندما نسرد تاريخ الأمم عبر كل العصور نجد الإختلاف في السلوكيات الرسمية فحسب أما في قواعد الأخلاق وفي القيم الأخلاقية فلا نجد توافقا بل تطابقا مُطلقا . وهذه القاعدة تُسمى عند الفلاسفة قاعدة الإلتزام المطلق كما عرّفها كانط في كتابه أسس ميتافيزيقيا الأخلاق ..!!
فالأخلاق لا تطور فيها .

ملحوظة هامة .. أنا اطمح أن تعود لكتاب الإسلام بين الشرق والغرب للدكتور علي عزت بيجوفيتش لأنه يسرد للفرق بين الدين والإلحاد في إطار الأخلاق سردا مدهشا وانا أنقل الكثير من كلامه في هذه المداخلات وهذا للأمانة العلمية 
كتاب الإسلام بين الشرق والغرب على هذا الرابط 
http://www.laelhad.com/index.php?p=8-0-15يوجد ملحدون على أخلاق هذه حقيقة لكن لا يوجد إلحاد أخلاقي هذه حقيقة اقوى هذا الكلام صحيح فقط في ظل الإيمان بالروح الإنسانية لكن كملحد فإن هذا الأمر يحمل في داخله تناقضا عجيبا فالإنسان مُستَوعب تماما في الطبيعة.. قوانين الطبيعة هي قوانينه وطبقا للطبيعة فالبشر وللأسف الشديد غير متساوين ثم إن الإيمان بالإنسان هو إيمان ملوث ميتافيزيقيا فالإنسان ليس هو الأصل وإنما الأصل هو الطبيعة المادية وقوانينها وحتمياتها وهذا يعني انهيار المشروع الهيوماني ( مشروع الإيمان بالإنسان ) وبذا يُصفَّى الإنسان على حد تعبير الدكتور عبد الوهاب المسيري لحساب الطبيعة وسيتم استيعابه تماما ويسقط في هيمنة المادية الحتمية وقد اختصر رئيس التشيك فاكيلاف هافل كل ذلك في عبارته الرائعة حين قال :- ( حينما أعلنت الإنسانية أنها حاكم العالم الأعلى، في هذه اللحظة نفسها، بدأ العالم يفقد بُعده الإنساني ) فالفلسفة الهيومانية ضحت أول ما ضحت بالإنسان وعادت لإعتبار الطبيعة هي المُطلق وهي المرجع فهي فلسفة ذاتية الهدم وقد نجح هتلر في فك هذه الشفرة بكفاءة غير عادية حينما قال :- ( يجب أن نكون مثل الطبيعة، والطبيعة لا تعرف الرحمة أو الشفقة ) . وقد تبع في ذلك داروين ونيتشه ودوركايم وفرويد ..!!
ولا يأتي الإيمان بمركزية الإنسان وقيمته وسموه إلا بالإيمان بمُطلق أعلى يتجاوز المادة فالمساواة بين البشر هي مسألة دينية بحتة فإذا لم يكن الله موجودا فالناس بجلاء وبلا أمل غير متساوين وتأسيسا على الدين فقط يستطيع الضعفاء المطالبة بالمساواة ..!!

وفي الختام يبقى السؤال كيف تقنعنا بالأخلاق ..؟؟

حتى فولتير الملحد أنشأ كنيسة لخدامه على نفقته الخاصة خوفا على أخلاقهم
فولتير أشهر ملحد عبر كل العصور كان يشرح فلسفته الإلحادية لزملائه وفي نفس الوقت كان يشرح الأخلاق في إطار الدين لخدامه ويخشى على خدامه من الإلحاد وكان يدفعهم إلى الإيمان بالأخلاق في إطار ديني وكان يقول كلمته الشهيرة لو لم يكن هناك إله لخانتني زوجتي وسرقني خادمي .. بل وقام فولتير الملحد في أواخر حياته ببناء كنيسة بالقرب من قصره نقش على مدخلها يا رب اذكر عبدك فولتير وادعى أنها الكنيسة الوحيدة المخصصة لله وحده على هذه الأرض أما الكنائس الأخرى فهي مخصصة للقديسين وكان يرسل خدمه إلى الكنيسة بانتظام ويدفع أجور تعليم أبنائهم قواعد الديانة
المصدر :- قصة الحضارة ول ديورانت المجلد 38 صفحة 214
إن فولتير عاش دهرا من الزمن 84 سنة كان في شبابه ملحدا حاقدا على كل دين ومع الوقت اكتشف أنه لا رادع للبشر إلا الأخلاق في إطار ديني واكتشف مصائب الإلحاد .
فالإلحاد قارب أن يجعل من الإنسان أحقر حيوان - والكلام للملحد ول ديورانت - وفولتير عانى من إلحاده خاصة خلال علاقته الطويلة بمدام دي شاتيليه وكانت علاقته بإبنة أخته شائنة مخزية .. – فهذا هو الإلحاد بلا مكياج - ثم ماذا عن الماركيز دي ساد ؟ لقد أوضح دي ساد أنه لو لم يكن هناك إله لكان كل شيء مباحا فلو لم يكن هناك جنة ونار فليس ثمة معنى في أن نكون طيبين لنسيء إلى ملذاتنا .. إذا لم يكن هناك إله فليس هناك خير ولا شر بل هناك فقط ضعفاء وأقوياء والضعف هو الشر .. لقد كان الماركيز دي ساد منظومة كاملة من الإلحاد العملي في شهوانيته وفجوره .. إن الإلحاد هو طوفان فاجر في أزمان الكفر وأرضه ونهايته الحتمية هي تقويض أركان النظام الأخلاقي وانهيار الأمم .
المصدر :- قصة الحضارة ول ديورانت ملجد 38 ص 275-276

والآن لننظر إلى بلادنا العربية وبعيدا عن فولتير والماركيز دي ساد فقد ظهر مؤخرا على ساحتنا العربية ثلاثة ملحدين لا غير .. المنتحر إسماعيل أحمد أدهم والعاهرة علياء المهدي والقواد كريم عامر هل ظهر غير هؤلاء الثلاثة ؟ أولهم انتحر في ريعان الشباب بعد أن حصل على الدكتوراة في الرياضيات من موسكو والثانية تركت كلية الإعلام لتعمل عاهرة في السويد لصالح المجلات الفرنسية والثالث يعمل قوادا لها وينظم عملها .
الإلحاد هو أعظم ذنب عُصي الله به على الأرض .. ويبقى السؤال قائما ما هو الأساس الذي ستعتمده وما هي القاعدة التي ستنطلق منها لتقنع الناس بقيمة الأخلاق من منظور مادي ؟
والآن ظهرت أسئلة لا نهاية لها داخل مجتمعك الإلحادي
1-
كيف ستتعامل مع الملحد المعاق في مجتمعك الإلحادي هل ستدفعه للإنتحار .. وبذك تكون قد خدمت الإنتخاب الطبيعي أم ستعارض النظرية ؟
2-
كيف تُسلي الملحد المعاق عن إعاقته .. كيف تُسلي الكادحين والمعوزين في هذا العالم ؟
3-
هل ستقوم بتعقيم المعاقين ذهنيا بحيث لا ينجبون أم ستعاند الإنتخاب الطبيعي ؟
4-
هل سيكون هناك زواج داخل المجتمع الإلحادي أم كما قالت سيمون دي بوفوار أن الزواج وتكوين أُسرة خديعة كبرى ؟
5-
هل ستمنع الممارسات الجنسية الشاذة داخل المجتمع الإلحادي وما هي المبررات المادية لذلك المنع ؟
6-
كيف لو ظهر داخل المجتمع الإلحادي أمثال جيمس هل James J. Hill الذي كان يقول :- ( إن الثروات تُحدَد طبقا لقانون البقاء للأقوى .) هل لديك مبرر مادي لكبح جماحه ؟
7-
يقول أندرو كارنيجي Andrew Carnegie أحد اصحاب رؤوس الأموال بأمريكا :- ( لقد وجدت حقيقة التطور .) استيلاء الأقوياء على مقدرات الأمم هي حقيقة التطور وحقيقة الإنتخاب الطبيعي ومع الوقت سيتحول المجتمع الإلحادي إلى جحيم لا يطاق كيف ترد ؟
8-
طبقا لتايل Tille فإنه :- ( من الخطأ الشديد مجرد محاولة منع الفقر أو الإفلاس أو مساعدة الضعفاء أو محدودي الإنتاج .. مجرد مساعدة هؤلاء خطأ جوهري في النظرية الدروينية لأنه يتعارض أساسا مع الإنتخاب الطبيعي natural selection وهو جوهر الداروينية .) فالمجتمع الإلحادي لابد أن يكون أبشع المجتمعات طبقية في العالم لأنه بذلك فحسب يكون قد تحرى قوانين الطبيعة المادية كيف ترد ؟
9-
طبقا لسبنسر Social Status, p.414-415 فإن فكرة وسائل الوقاية الصحية وتدخل الدولة في الحماية الصحية لمواطنيها وتلقيحهم تعارض أبسط بديهيات الإنتخاب الطبيعي إن مساندة الضعفاء أو محاولة حماية المرضى والحرص على بقائهم يتأتي في تحد صارخ لقانون الطبيعة .كيف ترد ؟

الأسئلة لا تنتهي .. إنها معادلة مستحيلة .. الإلحاد يوقع صاحبه في حرج شديد .. أكتفي بذلك وانتظر الإجابة عن أسئلتي التسعة ..
تحياتي للجميع أسأل الله أن يرحم ضعفي ويغفر ذنبي ويصلح حال محاوري فوالله إني لأُشفق عليه وأُحب له الخير والصلاح اللهم اهده يا رب العالمين .!!

السؤال رقم 10- ماذا لو أثبت العلم أن الجنس الأبيض أفضل بيولوجيا من السود وأنهم في مرتبة أعلى في سلم التطور هل سيتم الفصل العنصري بين البيض والسود داخل المجتمع الإلحادي أم ستتم معاندة العلم والبيولوجيا ومعاندة الإنتخاب الطبيعي وإقرار المساواة بين البيض والسود وساعتها ستكون أكبر خيانة للتطور وأكبر ضربة للعقلانيين ؟ 
هناك آلاف الأبحاث التي أثبتت تفوق الجنس الأبيض على الجنس الأسود ماديا وبيولوجيا منها قديما أبحاث عالِم الإنسـانيـات الشهير صموئيل مورتن Samuel Morton وأبحاث لويس أجاسي louis agassiz الذي كان يقول بأن البيض ليسوا سفاحين حين أبادوا الهنود الحمر ولكنهم يتبعون قضية حتمية في تشكل الأعراق فهذه هي حتمية العلم وحديثا كتاب قوس الجرس bell curve أكثر الكتب مبيعا في السبعينـات وهو الكتاب الذي يتحدث عن أنه لا فائدة من تعليم السود أو تحصينهم من الأمراض لأنهم أضعف عقلا وأفقر ذهنـا من البيض ولابد من إنفاق المـال في أُمـور أكثر فائدة .

11- ماذا لو أثبت العلم تفوق الرجل على المرأة وأن الرجل في مرتبة أعلى بيولوجيا من المرأة هل ستتم المساواة بين الجنسين داخل المجتمع الإلحادي أم سيكون هذا مطلب غير علمي غير عقلاني عبثي ميتافيزيقي يقف في وجه التطور وحتميات الطبيعة ؟
المرأة طبقا لأدبيات التطور لها تصنيف في السلسلة الحيوانية مستقل تماما عن تصنيف الرجل فالمرأة تندرج تحت تصنيف Homo parietalis بينما الرجل تحت تصنيف Homo frontalis فدراسة حجم الجمجمة في القرن التاسع عشر أثبتت وجود فرق جوهري في حجم المخ لصالح الرجل بمقدار 12- 19 % وكتب كارل بروكا brucca يقول أن مخ المرأة أضعف بكثير من مخ الرجل
فحجم المخ الخاص بالمرأة يكاد يطابق ذلك الخاص بالغوريلا .. والمرأة تأتي في المرحلة السفلى من مراحل تطور الإنسان .
Gould, The Mismeasure of Man, p.105
ويرى داروين أن المرأة لا تصلح إلا لمهام المنزل واضفاء البهجة على البيت فالمرأة في البيت أفضل من الكلب 
Charles Darwin, The Autobiography of Charles Darwin 1809-1882, New York pp. 232-233

المساواة المستحيلة إلا في إطار الدين

من خلال الدين فحسب يمكن للجميع على اختلاف قيمهم الإنسانية أن يتعايشوا في سلام يقول أُستـاذي علي عزت بيجوفيتش :- ( فحقوق الإنسان وأن البشر متساوين هذا ممكن فقط إذا كان الإنسان مخلوقا لله فالمساواة بين البشر هي خصوصية أخلاقية وليست حقيقة طبيعية أو مادية أو عقلية فالناس من المنظور المادي أو الطبيعي أو العقلي هم وبلا شك غير متساوين وستبدو المساواة ساعتها وكأنها عبارة ميتافيزيقية بلا مضمون ولا حقيقة وطالما أننا حذفنا المدخل الديني من حسابنا فسرعان ما يمتلىء المكان بأشكال من اللامساواة عرقيا وقوميا واجتماعيا وسياسيا .
فالمساواة بين البشر هي مسألة ميتافيزيقية بحتة فإذا لم يكن الله موجودا فالناس بجلاء وبلا أمل غير متساوين وتأسيسا على الدين فقط يستطيع الضعفاء المطالبة بالمساواة .)

12-
ماذا لو ظهرت داخل المجتمع الإلحادي دعوة تعميمية تنادي بإلغاء التفرقة بين البشر والحيوانات والحشرات بل ومحاكمة كل من يتعرض للفيروسات أو دودة الأرض لأنه بيولوجيا لا فرق بين الإنسان ودودة الأرض إلا بضعة ملايين من السنين ؟
يقول فرانسيس فوكوياما في كتابه الأشهر نهـاية التاريخ وخاتم البشر ص 259 يقول : حقوق الانسان لها مشكلة فلسفية عميقة إذ لابد أولا أن نفهم الإنسان قبل أن نبحث في حقوقه نفهم طبيعة الإنسان فالعلوم الطبيعية الحديثة تشير إلى أنه ليس ثمة فارق بين الانسان والطبيعة وعندما نوسع في المساواة التي تنكر وجود أي اختلافات بين البشر فيمكن أن يشمل ذلك إنكار وجود اختلافات هامة بين الانسان والقردة العليا وتنشأ عن ذلك أسئلة لا حصر إذ كيف يكون قتل البشر غير مشروع في حين قتل هذه الحيوانات ليس كذلك وسنصل حتما في مرحلة ما إلى السؤال التالي
13-
ولماذا لا تتمتع الطفيليات المعوية والفيروسات بحقوق مساوية لحقوق الإنسان ؟
إن عدم اهتمام الناس بهذه المساواة يوضح أنهم لا يزالون يؤمنون بمفهوم ما عن تفوق قدر الانسان - وهو مفهوم ملوث ميتافيزيقيا - وحتى حماة الطبيعة وحماة الحيوانات هم فقط يدافعون عن الحيوانات لأنهم يحبون بقائها معنا.. ومجرد إفنائها لا سبيل لتعويضه مع ضياع فوائد ربما تُكتشف منها مستقبلا فحتى حماة الحيوانات هم للإفادة منها وليس من أجلها وهذا عكس حقوق الانسان .
إن مفهوم التوسع في المساواة أدى إلى حيرتنا الراهنة . . إننا لو كنا نؤمن حقا أن الانسان مجرد كائن في سلسلة حيوانية يخضع لقوانين الطبيعة ليست له قيم متجاوزة وهنا لابد أن تتساوى الكائنات جميعا في الحقوق وسيتعرض ساعتها المفهوم المساواتي للبشر للهجوم من أعلى ومن أسفل ولا يسمح لنا هذا المأزق الفكري الذي أوقعتنا فيه النسبية الحديثة بأن نرد على هذا الهجوم أو ذاك وبالتالي لا يسمح لنا بالدفاع عن الحقوق المساواتية – فإما طبقية متفحشة أو مساواتية مستحيلة - .
المصدر : فرانسيس فوكوياما .. نهـاية التاريخ وخاتم البشر ..ترجمة : حسين أحمد أمين .. الطبعة الأولى 1993 مركز الأهرام للترجمة والنشرص 259 والكلام له بالحرف إلا ما بين - - .

حتى فوكوياما يرى أن المساواة مستحيلة داخل المجتمع المادي بل ويرى أن خاتم البشر سيكون شخص علماني مادي قُح حين تسود الليبرالية المادية كوكب الأرض وحينها سيظهر خاتم البشر والانسان الاخير في هذا النموذج وهو ذلك الانسان الذي سيظهر يوما ما في مجتمع مادي بالكامل ويكون تربى تربية علمانية مادية كاملة هذا الانسان سيتم تدجينه تماما وقولبته وادخاله القفص الحديدي هذا اقصى ما تطمع ان تصل الليبرالية به الانسان .
المصدر السابق ص17
فخاتم البشر سيكون إنسان رائع قانع بسعادته غير قادر على الإحساس بالخجل من انه عاجز عن الارتقاء فوق مستوى احتياجاته وبالتالي فان خاتم البشر لم يعد بشرا
المصدر السابق ص 17
أليس الإنسان الكامل في هذه الصيغة هو كائن فج جدير بالاحتقار خاتم بشر عاطل عن الاجتهاد والطموح ( وهنا تضيع ملحمة الوجود الانساني و دراما الحياة الانسانية .. لقد مات الانسان في النموذج المادي .)
المصدر السابق ص18
والمفاجاة الكبرى لقد وصف فرانسيس فوكوياما الملحد المادي الذي سينشـأ في مجتمع مادي بالكامل ويتربى في بيئة مادية كاملة بأنه كلب .. نعم كلب
يقول فوكوياما بالحرف أنه : داخل الليبرالية سيصبح الناس حيوانات من جديد كما كانوا قبل المعركة الدامية التي بدأ بها التاريخ إن الكلب يقنع بالنوم في ضوء الشمس طوال اليوم شرط أن يطعموه وذلك لانه راض بما هو عليه ولن يقلقه أن غيره من الكلاب حالها أفضل من حاله أو أن مستقبله ككلب قد جُمد أو أن كلابا في بقعة نائية من العالم تصادف المذلة والهوان .
المصدر السابق ص271
ويتنبأ فوكوياما في صفحة 274 من كتابه أن حياة مجتمع مادي ليبرالي كامل هي حياة بلا فنون ولا أدب ولا دراما ولا كفاءة وقليلون سيتصدرون للخدمة العامة وستكون الحرف مبتذلة وغير متطورة وفي مرحلة ما سيكون هذا المجتمع عاجزا عن الدفاع عن نفسه في وجه الحضارات الاخرى حيث الحضارات الأخرى أصحابها على استعداد لهجر الراحة والأمن ويخاطرون بحياتهم من اجل القيمة .

إن علينا أن نخبر كل ملحد نحاوره أنه مدين لنا بأخلاقياته وقيمه وثوريته ومبادئه فالمجتمع المادي الطبيعي يؤسس للإنسان الكلب على حد تعبير فوكوياما .

14-
هل يوجد داخل المجتمع الإلحادي مصطلح الأبناء والآباء ؟ أم أن الأطفال سيدخلون مجمعات خاصة ويختفي مفهوم الأب والإبن وتنتهي الأسرة كما حدث على نطاق ضيق في روسيا الملحدة في الأربعينيات فترة حكم ستالين وحدث بنطاق أوسع في ألمانيا في فترة حكم هتلر ؟
صلاح أمر العائلات لا يكمن في المباديء الإلحادية أو المادية وهذه من البديهيات فنجاح تربية الأولاد ونجاح المؤسسة الزوجية يتطلب تضحيات مدى الحياة وهي تضحيات لا عقلانية بحسابات الربح والخسارة والكثير من مشاكل العائلات الامريكية ( التفكك الاسري – هروب الاباء – ارتفاع نسب الطلاق ) سببه نظرة أفراد العائلة إلى العائلة نظرة مادية إذ حين تصبح الالتزامات العائلية أكبر مما ينتظره المتعاقد فإنه يسعى الى إبطال شروط العقد .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق