بر الأباء لأولادهم(6)
أمَّا بعد الولادة فقد وضع الإسلام للأبناء أحكامًا تتعلَّق بولادتهم، منها: استحباب الاستبشار بهم عند ولادتهم؛ وذلك على نحو ما جاء في قوله تعالى في ولادة سيدنا يحيى بن زكريا عليهما السلام: {فَنَادَتْهُ الْـمَلاَئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْـمِحْرَابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} [آل عمران: 39]، وهذه البشارة للذَّكَرِ والأنثى على السواء من غير تَفْرِقَةٍ بينهما.
الأذان والإقامة في أذنيه
ومنها أيضًا الأذان في أُذُنِهِ اليمنى، والإقامة في أُذُنِهِ اليسرى، وفي هذا اقتداء بالنبي ؛ فقد أذَّن النبي في أُذُنِ الحسن بن علي -رضي الله عنهما- عند ولادته، روى ذلك عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، قال: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ أَذَّنَ فِي أُذُنِ الْـحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ - حِينَ وَلَدَتْهُ فَاطِمَةُ- بِالصَّلاَةِ"[6]. والحكمة في ذلك- والله أعلم- ليكون أول ما يسمع المولود كلمات الأذان المتضمنة لكبرياء الله وعظمته والشهادة له بالوحدانية، وليهرب الشيطان من كلمات الأذان.
حلق شعر رأسهم والتصدق بوزنه فضة
ومنها كذلك حَلْق شعر رأسهم والتصدُّق بوزنه فضة، وفي ذلك فوائد صحِّيَّة واجتماعيَّة؛ فمن الفوائد الصحِّيَّة: تفتيح مسامِّ الرأس، وإماطة الأذى عنه، وقد يكون ذلك إزالةً للشعر الضعيف؛ لينبت مكانه شعر قويٌّ، أمَّا الفائدة الاجتماعية فتعود إلى التصدُّق بوزن هذا الشعر فضة، وفي ذلك معنَى التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، وممَّا يُدْخِل السرور على الفقراء، وفي ذلك فقد روى محمد بن علي بن الحسين أنه قال: "وَزَنَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ شَعَرَ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ فَتَصَدَّقَتْ بِزِنَتِهِ فِضَّةً"[10].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق