د.مصطفى محمود حوار مع صديقى الملحد
وما ذنب الذي لم يصله القرآن ..؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
" حسناً ما رأيك في هذا الانسان الذي لم يصله القرآن ولم ينزل عليه كتاب .. ولم يأته نبي. ما ذنبه ..؟ وما مصيره عندكم يوم الحساب ..؟؟ مثل اسكيمو في اقاصي القطبين . او زنجي في الغابات .. ماذا يكون حظه بين يدي الهكم يوم القيامة ..؟ "
قلت له: دعني اصحح معلوماتك اولاً .. فقد بنيت اسئلتك على مقدمة خاطئة .
فالله اخبرنا بانه لم يحرم احداً من رحمته ووحيه وكلماته وآياته ..
)وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ( (فاطر: من الآية24)
)وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ((النحل:36)
والرسل الذين جاء ذكرهم في القران ليسوا كل الرسل. وانما هناك الاف غيرهم لا نعلم عنهم شيئاً .
والله U يقول لنبيه r عن الرسل: )وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ( (غافر:78)
والله يوحي الى كل شيء حتى النحل ..
)وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ((النحل:68)
وقد يكون الوحي كتاباً يلقيه جبريل u .. وقد يكون نوراً يلقيه الله U في قلب العبد ..
وقد يكون انشراحاً في الصدر .. وقد يكون حكمة، وقد يكون حقيقة . وقد يكون فهماً . وقد يكون خشوعاً ورهبة وتقوى ..
وما من احد يرهف قلبه ويرهف سمعه الا ويتلقى من الله U فضلاً ..
اما الذين يصمون اذانهم وقلوبهم فلا تنفعهم كتب ولا رسل ولا معجزات ولو كثرت ..
والله قال انه)يخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ (وانه ) لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ(
وقد يريد الله لحكمة يعلمها ان ينذر احداً وان يعذر آخر فيقبل منه اهون الايمان ..
ومن يدرينا، ربما كانت مجرد لفتة - من ذلك الزنجي البدائي - الى السماء في رهبة هي عند الله منجية ومقبولة اكثر من صلاتنا !
على ان القراءة المتأملة لاديان هؤلاء الزنوج البدائيين تدل على انه كان لهم رسل ورسالات سماوية مثل رسالاتنا ..
في قبيلة ماو مثلاً، نقرأ انهم يؤمنون بإله يسمونه ( موجابي ) .. ويصفونه بانه واحد احد لم يلد ولم يولد . وليس له كفو ولا شبيه .. وانه لا يُرى ولا يُعرف الا من اثاره وافعاله .
وانه خالق . رازق . وهاب . رحيم . يشفي المريض . وينجد المأزوم . وينزل المطر . ويسمع الدعاء .
ومن اين جاءهم هذا العلم الا ان يكون في تاريخهم رسول ومبلغ جاء به .
ثم تقادم عليه كالمعتاد فدخلت الخرافات والشعوذات فشوهت هذا النقاء الديني ..
وفي قبيلة ( نيام نيام ) نقرأ انهم يؤمنون بإله اوحد يسمونه ( مبولي ) .
ويقولون انه كل شيء في الغابة يتحرك بارادة مبولي .. وانه يسلط الصواعق على الاشرار من البشر . ويكافي الاخيار بالرزق والبركة والامان .
وفي قبيلة الشيلوك يؤمنون بإله واحد يسمونه ( جوك ) ..
ويصفونه بأنه خفي وظاهر . وانه في السماء وفي كل مكان .. وانه خالق كل شيء .
وفي قبيلة ( الدنكا ) يؤمنون بإله واحد يسمونه ( نيالاك ) وهي الترجمة الحرفية لـ( الذي في السماء .. او الاعلى )
ماذا نسمي هذه في العقائد سوى اسلام ..؟
ان هي الا رسالات كان لها في تاريخ هؤلاء الاقوام رسل ..
ان الدين واحد ..
)إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ( (البقرة:62)
حتى الصابئون الذين قدسوا النجوم على انها ايات من ايات الله وامنوا بالله الواحد والاخرة والبعث والحساب وعملوا الصالحات لهم اجرهم عند ربهم ..
ومعلوم ان رحمة الله تتفاوت ..
وهناك من يُولد اعمى . وهناك من يولد مبصراً . وهناك من عاش ايام موسى u ورآه راي العين وهو يشق البحر بعصاه .
وهناك من عاش ايام المسيح u وراه يُحي الموتى .
اما نحن فلا نعلم عن هذه الايات الا سمعاً ..
وليس الخبر كالعيان . وليس من رأى كمن سمع ..
ومع ذلك فالايمان وعدمه ليس رهناً بالمعجزات .
والمكابرون المعاندون يرون العجب من انبيائهم فلا يزيد قولهم على ان هذا ) سِحْرٌ مُفْتَرىً ( (القصص: من الآية36)
لماذا يشهد الله واحداً على اياته . ولا يدري اخر بتلك الايات الا سمعاً ..؟
ونحن نقول: انها قد لا تكون رحمة بل نقمة . الم يقل الله لأتباع المسيح u الذين طلبوا نزول مائدة من السماء محذراً :
)قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ( (المائدة:115)
ذلك لانه مع نزول المعجزات يأتي دائما تشديد العذاب لمن يكفر ..
وطوبى لمن امن بالسماع بدون ان يرى معجزة .. والويل للذين شاهدوا ولم يؤمنوا .
فالقران في يدك حجة ونذير . ويوم الحساب يصبح نقمة لا رحمة ..
وعدم اقامة هذه الحجة البينة على الاسكيمو ساكن القطبين قد يكون اعفاءً وتخفيفاً ومغفرة يوم الحساب.
وقد تكون لفتة الى السماء من هذا الاسكيمو الجاهل - ذات ساعة من عمره - عند الله كافية لقبوله مؤمناً مخلصا ..
اما لماذا لم يرحم الله واحداً اكثر مما يرحم اخر فهو امر يؤسسه الله على علمه بالقلوب .
) فعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ( (الفتح: من الآية18)
وعلم الله بنا وبقلوبنا يمتد الى ما قبل نزولنا في الارحام، حينما كنا عنده نفوساً نورانية حول عرشه ..
فمنا من التف حول نوره. ومنا من انصرف عنه مستمتعاً بالملكوت وغافلاً عن جمال خلقه. فاستحق الرتبة الدنيا من ذلك اليوم . وسبق عليه القول . هذا كلام اهل المشاهدة ..
وما نراه من تاريخنا القصير في الدنيا ليس كل شيء .
ومعرفة الحكمة من كل الم وحرمان امر لا يعلمه الا العليم .
والذي يسألني . لماذا خلق الله الخنزير خنزيراً ..؟
لا املك الا ان اجيبه: بأن الله اختار له ثوباً خنزيرياً لان نفسه خنزيرية . وان خلقه هكذا حق وعدل .
وكل ما نرى حولنا من استحقاقات هي عدل لكن معرفة الحكمة الكلية واماطة اللثام عن هذا العدل امر ليس في مقدور كل واحد
ولعل لهذا السبب هناك اخرة. ويوم تنصب فيه الموازين وينبئنا العليم بكل ما اختلفنا فيه.
ومع هذا فسوف اريحك بكلمة الفصل ..
فقد قال الله في كتابه انه لن يعذب الا من انذرهم بالرسل ..
)مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا، وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى، وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ( (الاسراء:15)
ان اعجب ما في سؤالك ايها الملحد ان ظاهره يوهم بالايمان والاشفاق على الزنجي المسكين الذي فاته ما في القرآن من نور ورحمة وهدى
مع ان حقيقتك هي الكفر بالقرآن وبنوره ورحمته وهداه ..
فسؤالك اقرب ما يكون الى الاستدراج والمخادعة. وفيه مناقضة للنفس هي ( اللكاعة ) بعينها .. فأنت تحاول ان تقيم علينا حجة هي عندك ليس لها أي حجة .
الا ترى معي يا صاحبي ان جهاز المنطق عندك في حاجة الى اصلاح !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق